mardi 26 novembre 2013

نمط الدولة المنظور ومسودّة الدّستور ـ عبد المجيد بنقياس ـ


لاشكّ أنّ صياغة دستور جديد للدولة التونسية لم يكن من ضمن شعارات الحراك الاجتماعي وإن كان تقاطع سقف المطالب يوحي بذلك.فجملة شعارات الحراك تصبّ في خانة التّأسيس لدولة جديدة ذات سيادة على ثروات فضائها في ظلّ منظومة مؤسّساتية وتشريعية تحترم سيادة وحرمة البلاد،تقضي على التّسلّط والتّماهي بين الحزب الأغلبي والدولة،تنهي مع منظومة وآليات الفساد الاداري والمالي،تردّ الاعتبار للجهات كمحرّك أساسي للتنمية المندمجة والعادلة،تفسح المجال للمواطن كشريك فاعل في الحياة التنموية بكلّ أبعادها الاقتصادية والسياسية والثقافية والعلمية والبيئية...الخ.فالتأسيس الدستوري يعتمد على جملة من القواعد الأساسية لتحديد ماهية الدولة(مدنية،دينية)ونظام الحكم(ملكي،جمهوري)وشكل الحكومة(رئاسي،برلماني)وينظم السلطات العامة فيها من حيث التركيبة والوظائف والعلاقات التي تربط بين السلطات وحدود كل سلطة والواجبات والحقوق الأساسية للأفراد والجماعات ويحدّد الضمانات.فالدستور مرجع أساسي لسنّ القوانين والمراسيم وتنفيذها وهو كذلك مرجع السلطة القضائية

تبنّى جلّ مكوّنات"المجتمع المدني"فكرة صياغة دستور جديدي للبلاد التونسية لكنّ الأهداف الخفية والآليات المتّبعة كانت توحي بمحاولة للالتفاف على أولوية مطالب الفاعلين الاجتماعيين من معطّلين وعاطلين(تنمية،شغل،تحسين القدرة الشرائية)وبعض الفئات المهنية(حرية التنظيم وأحقية النفاذ الى المعلومة واستقلالية القضاء والإعلام).في المقابل،نبّهت بعض الشخصيات والبعض من مكونات"المجتمع المدني"الى مثل هذا السيناريو الالتفافي،لكن المال السياسي والأجهزة الإعلامية التي سخّرها أصحاب للمسار الالتفافي كانتا أقوى من أن يصدّها هؤلاء.لكن عديد الأحداث المسجلة وبعض المؤشرات الملتقطة خلال المرحلة المسمّاة بـ"المرحلة التأسيسة"أو بـ"الانتقال الديمقراطي"جاءت لتؤكّد صحّة تحاليل"المتشائلين"،المرحلة مليئة بالهنّات التي لم يستسغها حتّى المتفائلون وبعض المدافعين عن المسار المتّبع.فالمدّة المفترضة لصياغة الدستور لم تُحترم والكلفة المالية عالية وبعض الإجراءات الترتيبية وقع تجاوزها وكثرت المشاحنات وغاب الانضباط وازداد سيل السياحة الحزبية.كلّ هذه التجاوزات كانت ولازالت محلّ نقد عديد من المواكبين للمسار إلى جانب ما أثارته مشاريع المسودّات التي صاغها نوّاب المجلس التّأسيسي من جدل داخل قبّة باردو ذاتها وفي كلّ وسائل الإعلام وبالفضاء العمومي

كان أمل بعض المتفائلين من الناخبين كبيرا في القطع مع المنوال التنموي الفاشل من الأسباب التي جعلتهم يهبّون لانتخاب أعضاء المجلس التأسيسي،كما كانت ريبة البعض الآخر في محلّها بالنّظر الى بعض المؤشرات التي سيأتي ذكرها لاحقا.بدون الغوص في السّجال العقيم وانطلاقا من بعض مؤشرات برنامج"الانتقال الديمقراطي"يمكن للمتابع القيام بعملية تقييم انطلاقا من  زاوية رؤية أصدقاء الحراك الثوري وباتّباع منهج المقارنة بين النتائج الحاصلة وسقف الأهداف الذي حدّده الحراك الاجتماعي.من البديهي أنّ تعتمد عملية التقييم على تحليل جملة من المؤشرات تخصّ كلّ مكوّنات المسار أو البرنامج من أهداف مرجوّة ونتائج حاصلة وأنشطة مُنجزة وموارد بشرية ومالية مُسخّرة.إنّ التّطارح حول هويّة الدّولة واستقلالية المؤسّسات(قضاء،إعلام)،والتوازن بين السّلط(تنفيذية،تشريعية،قضائية)،وحرّية المواطن(دينية،فكرية،تعبير)،والحقوق الفردية والجماعية(صحّة،تعليم،تنقّل)،والواجبات(خدمة عسكرية،جباية،احترام الأخر)كلّها نابعة من تصوّر لمفهوم الدّولة الذي يمكن اختصاره في العناصر التالية:(1)مجال حياة بما فيه من موارد وكيفية استغلالها وتثمينها وتسويقها وتوزيع قيمتها المضافة؛ (2)شعب يشمل أفرادا ينتمون الى فئات عدّة لهم قواسم مشتركة كما لهم من المصالح المختلفة التي تصل الى حدّ التناقض؛(3)منظومة سلط تقليدية و/أو مستحدثة تشرّع القوانين وتسهر على تنفيذها وتوفّر الحماية للأفراد والممتلكات 

انطلاقا من هذا المفهوم وأمام إعلان الجميع بضرورة تأسيس دولة تهدف الى تحقيق أهداف الثورة وأمام أبواب وفصول وأقسام مسودة مشروع الدستور الأخيرة لسائل أن يسأل عن ماهية الدولة المرتقبة ؟عن طبيعة الأنشطة الضرورية لتأسيسها ؟ 

من خلال المسودة الأخيرة يمكن للقارئ أن يكشف عن أهداف صائغيه ومعارضيه من ناحية أولى،كما يمكن أن يقترح التصويبات الممكنة لتحقيق أهداف الحراك الثوري من ناحية ثانية.للقيام بذلك ولغاية بيداغوجية بحتة يمكن الاستنجاد بجدول للمقارنة بين برامج أكثر الفاعلين في المشهد السياسي الحالي.لهذا لا بدّ من تحديد ماهية فئات مختلف الفاعلين أوّلا وتعداد أهمّ المؤشرات التي اعتمدوها في برامجهم ثانيا. (انظر الجدول
                                                                       
1/الفئة الاجتماعية: المعطلون والمهمشون والمفقرون
الأهداف: ـ شغل ـ حرية ـ كرامة/أ
النتيجية: بعض مواطن شغل/ب
 ج/الأنشطة: ـ تقديم برامج تنموية ـ ضغط اجتماعي متواصل
د/الموارد: ـ أهالي يملكون الارادة والقدرة على التأطير

2)     أحزاب ذات مرجعية دينية
دولة دينية/أ
ب/حكومة ائتلافية ـ مسودة دستور ـ يؤسّس لدولة دينية ـ تعيينات حزبية ـ محافظة على نفس المنوال التنموي
ج/محاصصة سياسية ـ تعيينات بالولاء الحزبي ـ قمع الحراك الاجتماعي والحريات الفردية تدجين النقابات ـ جماعات ارهابية ـ جمعيات
د/مال سياسي ـ تدجين إعلامي وقضائي ـ انتداب حزبي ـ فزّاعات أمنية ـ قمع وإرهاب واغتيال ـ خصخصة المؤسسات ـ التّداين ـ

3)     أحزاب وسطية
دولة مدنية/أ
دستور  يؤسس لدولة مدنية ـ انشطار حزبي  ـ تكتّلات حزبية ـ اعتماد المنوال القديم /ب
 ج/ـ محاصصة سياسية ـ معارضة الحكومة ـ الاندساس خلف الحراك الاجتماعي ـ الدعاية الحزبية
 د/ـ مال سياسي ـ تحالفات سياسية ـ تسخير إعلامي

4)     أحزاب تقدمية
 أ/دولة ديمقراطية اجتماعيةـ 
 ب/ـ خطوط عريضة لمنوال تنموي بديل ـ اتساع قاعدة المتعاطفين
ج/جبهة سياسية ـ معارضة الأحزاب الدينية وفضح البرامج اليبرالية للأحزاب الوسطية ـ الدعاية السياسية
د/تحالف القوى التقدمية ـ استغلال بعض المساحات الإعلامية

5)     بعض مكونات المجتمع الأهلي
أ/ المساهمة في صياغة منوال تنموي جديد لدولة اجتماعية تشاركية ـ
ب/ـ توسيع دائرة الشراكة ـ خطوط عريضة لمنوال بديل
ج/شبكة من الجمعيات ذات شأن عام ـ صياغة منوال يعتمد الجهة كفاعل أساسي والمواطن كشريك ورقيب ومحاسب ـ تنظيم بعض الندوات والملتقيات
د/ضعف الموارد  البشرية والمالية

يبرز الجدول السابق بعض التقاطعات التي قد تفضي الى تصوّر لما قد ينتجه التشكّل الاجتماعي/السياسي من تحالفات يمكن أن تؤدّي الى تحقيق الأنشطة الحينية والأهداف متوسطة وبعيدة المدى التي يرنو اليها فاعلو الحراك الاجتماعي وبعض مكونات المشهد السياسي.فالتقاطعات الأهمّ هي تلك التي تشمل الأهداف وهي الآتية:
ü      تقاطع بعض أهداف الفئات (2)و(3):محاصصة سياسية واعتماد نفس المنوال التنموي؛ 
ü      تقاطع بعض أهداف الفئات (3)و(4):إرساء الديمقراطية في إطار دولة مدنية؛ 
ü      تقاطع بعض أهداف الفئات(1)و(4)و(5):صياغة منوال تنموي بديل في إطار دولة اجتماعية. 

لقد اعتمدت فئة الأحزاب ذات المرجعية الدينية(2)على المكتسب الديني للتأكيد على أن المنوال الأنسب يكمن في التأسيس الى دولة "على ثوابت الاسلام والمقاصد المتّسمة بالتّفتّح والاعتدال"كجزء من فضاء أرحب في ظلّ مؤسسات الخلافة،وقد استعملت هذه الفئة سلاح التّكفير ضدّ كلّ من لا يقاسمها هذا الهدف حتّى وإن نطقت بلفظ"العلمانية"عند توجّهها للإعلام الداخلي والخارجي.في المقابل،ارتكزت فئة الأحزاب الوسطية(3)على خلط مقصود لمفاهيم الدولة والسلطة والحكومة بإرادة تأسيس دولة مدنية تطغى فيها مؤسسات السلطة على باقي مكونات الدولة اعتمادا على آليات"التداول السلمي على الحكم وعلى مبدأ الفصل بين السّلط والتوازن بينها"دون القطع مع منظومة السلطة التقليدية ودون المساس بأسس منوال التنمية الليبرالي.وتستعمل هذه الفئة لفظ"الدولة الدينية"لحشد الأنصار ممّن لا يجادلون في المكتسب من الحقوق المدنية الفردية منها والجماعية.لكن باعتبار  نقطتي التقاطع الحاصلة وأمام استعداد كلّ من الفئتين للتدخل الخارجي فإنّ امكانية تحالفهما واردة للحيلولة دون توجّهات الفئات الأخرى المنادية بضرورة تغيير منوال التنمية.فالمنظومة العالمية التي يحكمها رأس المال المالي عبر مؤسّساته الأخطبوطية المختصّة(سياسي واقتصادي وامني)والمتمكّنة بعديد المؤسسات المشابهة على كلّ المستويات الجغرافية(اقليمي وقطري)لا تنظر بعين الرضا الى الحراك الاجتماعي الذي اتسعت رقعته الجغرافية وتجذرّت أساليبه الاحتجاجية وتغيرت آلياته التنظيمية.هذه المنظومة التي لا تعرف غير أسلوب الإملاء لتنفيذ خططها على السّاسة وبتنصيب عملاء تكنوقراط في كلّ المجالات،ضاربة بذلك استقلالية الدّول ومضيقة مجال تدخّل المؤسّسات الحكومية خاصّة في المجال الاجتماعي
فالفئتان(2)و(3)لها من الموارد المالية والإعلامية ومن السّند الخارجي ما يجعلها قادرة على بلوغ أهدافها إذا اكتفت بقية الفئات(4)و(5)بالنّقد والحراك السياسي غير المؤطر والموجّه.من المفترض أن تكون الفئتان الأخيرتان نواة لتأسيس التّعبيرة السياسية للحراك الاجتماعي(1)لأنّ مواردها تقتصر على العنصر البشري من فئات مقصية  ومهمشة قادرة على إسقاط أعتى الحكومات ومن كوادر علمية وفنية قادرة على صياغة المنوال البديل
.فالمطلوب من هذه الفئات أن تفكّ عقد الالتفاف والمحاصصة الحزبية لتحقيق أهداف الحراك الاجتماعي بالعمل على إرساء محاصصة اجتماعية ـ سياسية ـ علمية 

لا يختلف عاقلان في تصنيف الحراك،الذي انطلقت شرارته ذات 17 ديسمبر 2010،بحراك اجتماعي الجوهر واقتصادي الأساس.فالنمط التّنموي المتّبع منذ 1956 سبب كلّ الحيف والإقصاء والنهب الجهوي والفئوي،فهو بمثابت جملة مفاتيح لسرقة ثروات البلاد والعباد،وأغلال مكبّلة لكلّ إرادة حرّة وسالبة لحقوق المواطن.للقطع مع هذا الماضي يجب صياغة منوال تنموي جديد يعطي للمواطن(هدف كلّ عملية تنموية)المكانة المستحقّة والمطلوبة(شغل،حريّة وكرامة)وهادف إلى الاجابة إلى تطلّعات الشّعب بكلّ الفئات والجهات.هذا المنوال الجديد هو القاعدة الأساسية الوحيدة التي يمكن من خلالها صياغة دستور يثوّر المؤسسات والآليات التمثيلية(منظومة سلط أفقية)تسمح للمواطن بأن يكون مقرّرا ومراقبا ومحاسبا داخل مجالس محلية وجهوية منتخبة تدير المرافق العامة وداعمة للعمل الجمعياتي،وتكون الجهة فضاء للتنمية المندمجة وفق مقاربة تقطع مع القطاعية النمطية لتفسح المجال أمام مقاربة الفروع(Clusters)لتحفيز الاستثمار المعتمد على راس المال الوطني والشراكة وتحاشي سياسة التّداين الخارجي ولدفع المؤسسات العمومية على استرجاع وظيفتها الاقتصادية والاجتماعية 

فالأمر يستدعي إعادة النّظر في كلّ المنظومة بتركيباتها المتعدّدة(مالية،جبائية،انتاجية،تمثيلية،إعلامية وقضائية)مع إعادة النّظر في كيفية استغلال الموارد(المحدودة الكمية والمتجدّدة)وكيفية توزيع الثروة(محليا وجهويا وقطريا).إعادة النّظر هذه لا يمكن فصلها عن الدّور الجديد الذّي يجب أن يلعبه المواطن،ويمرّ ذلك عبر تغيير مفهوم وموقع المواطن داخل المنظومة الجديدة.من الأولويّات التّي يجب البحث فيها هي إعادة النّظر في مفهوم المواطن والمواطنة(حقوق وواجبات).كما أنّ التّفكير في إعادة صياغة منظومة جديدة ضروري،بحيث تكون كرامة التونسي هدفها الأسمى وحسن استغلال الموارد عمودها وحفظ البيئة أساسها والحوكمة التشاركية وسيلتها.إنّ ما سبق ذكره يمثّل المواد الأساسية التّي من خلال إعادة التّمحيص فيها والبحث عن البدائل الممكنة،الطّريق الواجب سلوكها لصياغة دستور يؤسّس لدولة اجتماعية مدنية. مثل هذا المنوال يستوجب جملة من الحقوق الأساسية مثل الحقّ في النّفاذ الى المعلومة وحرّية الرأي والتّعبير وحقّ التّنظيم والتّقاضي.إنّ خلاص البلاد يكمن في تبني استراتيجية لمنوال تنموي جديد،منوال يرتكز على أربعة محاور أساسية
ü      المحور 1:تقسيم جغرافي جديد للجهات لتوفير كلّ امكانيات النّماء الذاتي يقضي على التّهميش والنّهب الجهوي   
ü      المحور 2:آليات جديدة لتحفيز الاستثمار الوطني وآليات مستحدثة للجباية العادلة خدمة للتنمية الجهوية تسمح بإحداث أقطاب جهوية دافعة وتقلّص من سياسة التّداين؛  
ü      المحور 3:آليات تنظيمية مبتكرة يكون المواطن فاعلها الاساسي؛ 
ü      المحور 4:استعادة الدولة لدورها الاقتصادي عبر القطع مع سياسة التفويت والخصخصة حتّى تستعيد بعض وظائفها الاجتماعية 

إنّ النّقد دون اقتراح البديل مآله مآل نسيج العنكبوت وسط الأشواك:جميل لكن سهل الإسقاط.لطرح البديل يمكن أن نتحسّس الطريق بالإجابة على الأسئلة التالية
ü      أسئلة أساسية:ما هي أهداف الثورة؟ما هو المنوال البديل لتحقيق أهداف الثورة؟
ü      أسئلة فرعية:ما هي القطاعات الأكثر جدوى اقتصاديا (مدرة لفائض قيمة،أقل استهلاك للطاقة التقليدية)واجتماعيا(قدرة تشغيلية)وتحترم الجانب البيئي؟ما هي المقاربة الأمثل لتحقيق الأمن الغذائي؟كيف نقطع مع سياسة التّداين الخارجي؟كيف نقضي على النّهب الفئوي والجهوي؟ما هي الآليات الأمثل لتحقيق العدالة الجبائية؟ما هي الّسّبل الكفيلة لدفع الاستثمار دون اللّجوء الى رأس المال الأجنبي ودون تساهل مع تبييض الأموال؟كيف السبيل للقطع مع العنف الاجتماعي(إقصاء وتهميش)والعنف السياسي المادي والمعنوي(أمني/حكومي،محاصصة/إقصاء)؟ما هي الآليات المرجوة للقضاء على الرشوة والفساد الإداري والمالي؟ما هي الأسس الدستورية والقانونية المحبّذة لبناء منطومة متابعة ومراقبة ومحاسبة للمسؤولين على تنفيذ البرامج التنموية القطاعية(مركزيا،جهويا ومحليا)؟...الخ 

إنّ ما سبق ذكره هو السّبيل الأنسب للقطع مع الصّراعات البيزنطية والمزايدات السياسية التّي تدور داخل أروقة قبّة باردو وفي وسائل الإعلام،وما خفى أعظم وأخطر.فالبرامج الاجتماعية والاقتصادية المعدّة سلفا كما مسودّة الدّستور المقترحة لا تقطع مع المنوال السياسي التقليدي المرتكز على معادلة الفصل والتوازن بين السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية،كما أنّ التغافل عن ذكر ما يؤسّس لمنوال تنموي جديد في أبعاده الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية دليل على إهمال نوّاب الكتل للجانب الأهمّ لتحقيق أهداف الحراك الاجتماعي.فالمسار الذي وقع اتباعه معكوس الاتجاه وهو في تناسق تام مع أولويات صائغيه وهو ما يوحي بعملية التفاف كبرى لتعطيل الحراك الثّوري في مرحلة أولى والإجهاض عليه في مرحلة لاحقة.إذا خسرت القوى الثورية المعركة خلال مرحلة"الانتقال الديمقراطي"فإنّ عليها الاستعداد للجولات القادمة بدءا بصياغة استراتيجية تعتمد المحاور الأربعة المذكورة أعلاه لتنير سبيل أصدقاء الحراك الثوري عند صياغة البرامج العقلانية وممكنة الإنجاز باعتماد مقاربة تشاركية داخل إطار جبهة شعبية واسعة



 عبد المجيد بيقياس جويلية 2013

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire