lundi 14 novembre 2016

البنية التحتية و التنمية - عبد المجيد بنقياس


كثر اللّغو في الآونة الخيرة عن أولويات الاستثمار،حيث تطارحت الرؤى بين زوايا المربع التنموي:الأمن،البنية التحتية،الاستثمار و التشغيل.في حين تدافع الحكومة عن الزوايا الثلاث الأولى،تهاجم الفئات الأكثر تهميشًا{الشباب العاطل،الجهات الداخلية}انطلاقا من الزاوية الرابعة.لكن،لنذكر البعض،أنّه من البديهي أن يكون  محك الاستحقاقات تلك الشعارات الشعبية(لا النخبوية أو الشعبوية)؛ومن المنطقي أن تكون الشرعية للجهة التي قامت بارباك{لا أقول إسقاط}المنظومة السابقة. 

الإستحقاق،في ميدان الحروب القديمة،يعود لمُسقط الفارس لا الى المنهزم أو لأي راكب جديد آخر.كما كثرت المزايدات،قبل الانتخابات، على الدور المحوري للمواطن في صيرورة صياغة الخيارات(المواطن الصّاحب)للاكتفاء بوضعه في زاوية المتفرج على سرك المحاصصة السياسية(المواطن النّاخب)وان اعترض فالتنكيل اللفظي والبدني في انتظاره(المواطن النّاحب أو الصّاخب).
في الحالة التونيسية،الإنفاق في القطاعات الانتاجية أولى من الاسراف على البنية التحتية،مع استثناء الوحدات الخدماتية المبرمجة{الصحة،التعليم،الثقافة،الرياضة،الري،التنوير}.فالاستثمار في البنية التحتية ضروري،لكن ليس من أولويات الأغلبية الشبابية الطامحة للشغل وأهالي الجهات المهمشة.البنية التحتية رافد من روافد التنمية لكنها ليست أساسية،من يسوّق لأولوية البنية التحتية عليه أن ينظر لصيرورة نمو ضيعة أجداده،والقرية التي يسكنها،والحيّ الذي يقطنه،والمدينة التي بها ترعرع،عليه بقراءة تاريخ الحضارات...البنية التحتية انجاز يخدم مصالح الميسورين:من كبار موظفي الدولة باعتبار كثرة التنقل لأداء المهمات الرسمية والخاصة،من صناعيين لإنجاز مشاريعهم الخاصة التي ليست بالضرورة وحدات تشغيل لليد العاملة،من كبار التجار وسماسرة المواد الأولية،وكبار الفلاحين أصحاب المنتوج المتنوع والوافر.الاستثمار في البنية التحتية غير الخدماتية مكلفة جدا،أوّل المنتفعين به هم أصحاب المقاولات الكبرى التي ترعرعت في ظروف مشبوهة،كما أنّه من الصعب متابعة ومراقبة آليات صرف الأموال المرصودة التي كثيرا ما تصرف في غير محلّها{رشوة،فوترة مضخمة،محسوبية،انجازات مخالفة لكراس الشروط...الخ}.يفصح البعض أنّه في ظلّ غياب البنية التحتية يستحيل الاستثمار في القطاعات المنتجة والتحويلية،ويعلّلون بذلك الحيف والاقصاء الجهوي التي عانت منه الجهات الداخلية...نقول لهؤلاء،أنّ مختلف المنتوجات الفلاحية ما انفكت تغادر مواطن انتاجه للتحويل بالجهات الساحلية وتونس الكبرى متجاوزا بذلك عقبة البنى التحتية الرديئة...نؤكد أنّ العامل{بالفكر والساعد}يهجر مسقط رأسه بالمناطق الداخلية لقلة الموارد والمنشآت التشغيلية الكبرى،وهو يسلك نفس الطريق الرديئة بحثًا عن الشغل،لا عن منابر الثقافة ومستطيل الرياضيين أو للدحدحة في الفضاءات الترفيهية...في الأخير،نجزم أنّ كلّ الحجج المقدمة للتأكيد على ضرورة الاستثمار في البنية التحتية لدفع الاستثمار والتشغيل،هي حجج مردودة على أصحابها،ولا تستقيم أمام ضرورة دعم المبادرة الحرة في القطاعات الانتاجية{فلاحة،صناعة تحويلية}وفي المهن الخدماتية{الطب،الطب البيطري،التقنيات المعلوماتية،الارشاد...}.كما أنه من الضروري ومن الأجدى،اقتصاديا واجتماعيا،صياغة آليات لانشاء ودعم الاقتصاد التضامني {تمويلا،وانتاجا،وتسويقا} مع تشريك أجزاء من المجتمع الأهلي.أمّا عن حجة الإملاءات التي يفرضها المموّل{مؤسسة بنكية،دولة مانحة} أو المستثمر الأجنبي،فليتذكر الجميع أنّ الشعب التونسي ضحية تلك السياسة وقد ثار ضدّ تبعات تلك السياسات،وأنّ السيادة جزء من الكرامة التي تعتبر شعار مركزي للحراك الثوري.

أما عن التمويل فعلى الحكومة والمجتمع الأهلي أن يعملا على:1/مراجعة القوانين والعقود الجاري بها العمل للاستغلال الأمثل للثروات الطبيعية(الموارد المنجمية والبترولية والفلاحية)؛2/ استرجاع الأموال المنهوبة(مهربة و متهربة)؛3/اعادة النظر في مسألة المديونية(إلغاء أو جدولة)؛4/مقاومة الفساد باحداث آليات رقابة مستقلة اداريا و ماليا.الخوض في هذه الدروب جزء من الحوكمة المرتقبة التي ينادي بها البعض.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire